الأنباط - – دلال عمر
تحدث أطباء وخبراء عن الطب في الأردن وأهميته في جعل السياحة العلاجية مقصداً لأعداد كبيرة من المرضى العرب والأجانب، جاء ذلك بعدما وجه جلالة الملك عبدالله الثاني الاحد الماضي رسالة إلى ابناء الوطن بمناسبة عيد ميلاده الستين ودخول المملكة بالمئوية الثانية، أكد فيها أهمية تطوير القطاع الطبي، ليعود الأردن كما كان وجهة رئيسة للسياحة العلاجية بين دول العالم. ودعا جلالته للبناء على ما انجزه الآباء والأجداد في المجال الطبي لإكمال مسيرة التطوير، وبناء مستقبل عنوانه التميز وجوهرة الإبداع والانفتاح على التغيير والتطوير.
ودعا المدير العام لمركز الحسين للسرطان الدكتور عاصم منصور، لانشاء مراكز متميزة للتنمية السياحة العلاجية، ومن ضمنها مراكز علاج السرطان، لأن التنافس أصبح شديداً بين الدول وخاصة مع وجود المستشفيات المتخصصة في جميع دول العالم. وقال في حديث خاص لـ"الأنباط" أن مركز الحسين للسرطان وضع اسمه ضمن أكبر الأسماء لعلاج السرطان على المستوى العالمي، مبينا أنه قبل توسعة المركز لم يكن هنالك اهتمام بالسياحة العلاجية، لقلة الأسرة انذاك ولاستمرار الأولوية للمريض الأردني، وأضاف أن المركز يشعر بالمسؤولية تجاه المرضى العرب القادمين من الخارج واشار الى أن هنالك طلبا كبيرا من المرضى للمركز للقدوم من الخارج للعلاج في الأردن، لكن المركز لا يقبل الجميع لمحاولة تصفية أعداد المرضى القادمين من الخارج الذين يمكن أن يحدثوا فرقاً في حالته الطبية التي تحتاج لخدمات المركز بصورة فعلية.
وأكد تأثير جائحة كورونا على تراجع أعداد المرضى العرب القادمين للعلاج، ويشكلون 12% من العدد الكلي للمرضى في المركز، متوقعا ازدياد اعدادهم بعد زوال اثار كورونا. وقال منصور، إن قسم العمليات في المركز يقوم باجراء 300 عملية زراعة نخاع عظم سنوياً، فيما تصل أعداد الكوادر الطبية والإدارية في المركز إلى 434 طبيب واستشاري أورام، وأكثر من 1100 ممرض وممرضة و102 صيدلاني مؤهل لتحضير أدوية الأورام، بالإضافة إلى 1500 إداري وفني واختصاصي رعاية صحية، ويراجع العيادات الخارجية في المركز سنويا 250 ألف مراجع فيما يبلغ عدد حالات الإدخال 14 ألف سنوياً، وعدد الأسرة الكلي 352، وعدد وحدات العناية الحديثة للأطفال والبالغين 36 وحدة. وبين منصور أن المركز الذي تأسس عام 2001 ويتشرف بحمل اسم الملك الراحل الحسين بن طلال، يعتبر جوهرة الأردن الطبية ومفخرة العالم العربي، حيث أثبت مكانته الرائدة بحصوله على الاعتماد الدولي الذي صنفه في المرتبة الأولى بين الدول النامية والسادسة عالميا كمركز متخصص لعلاج السرطان. ولفت، إلى أن السرطان هو السبب الثاني للوفيات بعد أمراض القلب والشرايين محليا، ومسؤول عن 15.7% من الوفيات في الأردن، والبالغة 3084 سنويا. وقال رئيس جمعية المستشفيات الخاصة الدكتور فوزي الحموري بدوره، ان الجمعية نفذت حملات تسويقية للترويج للسياحة العلاجية في الأردن ، استهدفت العديد من الدول الشقيقة والصديقة تنفيذاً للرؤية الملكية للحفاظ على صدارة الأردن في السياحة العلاجية واستقطاب المزيد من المرضى من الأسواق التقليدية. واشار الى مشاركة الجمعية في مؤتمرات ومعارض طبية نظمت في عدد من الدول، حيث التقت عدداً من المسؤولين المعنيين بالصحة فيها، كما استضافت وفوداً من الدول ذاتها للاطلاع على مستوى الخدمات الصحية في المستشفيات الخاصة في المملكة. وقال انه تم الترويج للسياحة العلاجية في الأردن من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل إعلامية متعددة للوصول إلى أكبر عدد من مواطني الدول المستهدفة، الذين يقصدون مستشفيات الأردن المشهورة باجراء العمليات المعقدة الكبيرة مثل جراحة القلب والشرايين، وزراعة الكلى والكبد والسمنة ومعالجة الأورام والإدمان والطب النفسي، والإخصاب. وشدد الحموري على أن السياحة العلاجية في الأردن تعد إنجازاً وطنياً رفع اسم المملكة عالمياً، وهي رافد أساسي للاقتصاد الوطني ومن أهم مصادر الدخل القومي.
كما أشار إلى ان الاردن حصل عام 2014 على جائزة أفضل مقصد للسياحة العلاجية، والمرتبة الأولى في إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هذا المجال، وتم انتخاب الأردن لرئاسة المجلس العالمي للسياحة العلاجية. وارجع الحموري نجاح قطاع المستشفيات الخاصة الى السمعة الجيدة في تقديم خدمات علاجية متميزة بأسعار منافسة تقل كثيراً عن مثيلاتها في المنطقة، وتوفر احدث الأجهزة والتكنولوجيا الطبية فيها مما أدى إلى انعدام قوائم الانتظار وحصول المريض على الخدمات التشخيصية والعلاجية ضمن معايير الجودة الدولية. ومن الاسباب التي تستقطب المرضى ايضا الاستقرار الأمني وهو العامل الرئيس لجذب الناس لتلقي العلاج في الأردن، حيث صنف تقرير معهد غالوب الأردن الثاني إقليمياً والسادس في العالم من ناحية الشعور بالأمن والأمان متفوقاً بذلك على دول مثل السويد وألمانيا والولايات المتحدة في قائمة شملت 115 دولة شملها التقرير للعام 2021 ومنها الاستقرار السياسي ووجود علاقات دبلوماسية جيدة مع غالبية دول العالم وإمكانية دخول العديد من الجنسيات إلى الأردن من دون تأشيرة. وأكد الحموري أن الأردن قبل جائحة كورونا كان يستقبل 250 ألف مريض إلا أن الجائحة كانت سبباً رئيسياً في تراجع اعداد القادمين للسياحة العلاجية، مشيرا الى إطلاق المنصة الإلكترونية "سلامتك" في تموز 2020 بهدف تسهيل دخول المرضى إلى الأردن. وشدد على إعادة مركز المملكة المتقدم في السياحة العلاجية على مستوى الإقليم بمنح تأشيرات دخول لمرضى بعض الجنسيات ومرافقيهم (ليبيا، اليمن، السودان، العراق، سوريا، وعدة دول أفريقية مثل تشاد ونيجيريا)، حيث استفادت الدول المنافسة (تركيا ومصر وتونس والهند وألمانيا من تقييد دخول مواطني عدد من الدول العربية، مما جعل رعاياها يتوجهون إلى بلدان أخرى. واوضح أن ارتفاع المصاريف التشغيلية للمستشفيات الخاصة وزيادة ضريبة الدخل عليها من 16% إلى 20% يشكل تحدياً يثقل كاهلها مالياً، اضافة الى ارتفاع كلف الغازات الطبية وزيادة اشتراكات الضمان الاجتماعي من 16.5% إلى22.75% للمهن الخطرة و21.75% للمهن العادية، داعيا الى تخفيض ضريبة المبيعات على المستلزمات والمستهلكات الطبية التي ارتفعت من 4% إلى %16 وشدد على تفعيل الدور الإيجابي لوسائل الإعلام لأن الدور السلبي لها يعمل على تضخيم بعض الحوادث والأخطاء التي قد تحدث ويوجه الى تقييمات متدنية لمستوى الخدمات المقدمة. وركز الحموري، على ان دعم السياحة العلاجية كما أوصى جلالة الملك في رسالته يشمل تشجيع الاستثمار في القطاع بسن تشريعات وقوانين واجراءات أخرى تحفز المستثمرين الأردنيين وغير الأردنيين على الاستثمار في قطاع المستشفيات والقطاعات الأخرى المساندة، وحل مشكلة نقص الكوادر التمريضية في المستشفيات الخاصة بالسماح لها باستقدام تمريض أجنبي يساند الأردني في تقديم يد العون لجميع المرضى سواءً من الداخل أو الخارج. من جهته، قال استشاري أمراض العقم وأطفال الأنابيب، واستشاري النسائية والتوليد، الدكتور مازن الرواشدة ان الأردن أصبح وجهة عالمية لأمراض العقم وتأخر الإنجاب لما يتمتع به من سمعة طبية جيدة في هذا المجال، بسبب النتائج التي حققتها مراكز الإخصاب في المملكة بمساعدة الاف الأزواج من الأردن ودول العالم على الإنجاب. واكد أن هذا النوع من السياحة العلاجية يعد ميزة تنافسية للأردن على مستوى العالم إضافة إلى أنها تدر دخلاً جيداً على الاقتصاد الوطني وتسهم بصورة مباشرة في رفع سمعة الطب أردنياً ونتطلع إلى الوصول إلى المرتبة الأولى عالمياً ولدينا القدرة على ذلك مثلما سيكون لنا إسهام في تسويق هذا النوع من السياحة العلاجية في المؤتمرات المختصة بهذا المجال محليا وخارجيا.
وبين أن هذه السمعة الطبية على مستوى العالم لم تأت من فراغ في ضوء المنافسة الطبية والعلمية بين مراكز الأبحاث والإخصاب العالمية IVF Center بهذا المجال وقد قطع الأردن شوطا كبيرا بهذا الاختصاص أعطاه هذه الميزة والسمعة، حيث انه من أوائل الدول التي دخلت هذا المجال الطبي حيث كرس الأطباء جل اهتمامهم لمواكبة الخبرات والاختصاصات الطبية الدقيقة في هذا المجال الذي يشهد تطوراً علميا بين فترة وأخرى. واشار الى استعمال الاطباء في الاردن للتكنولوجيا الحديثة في علاجهم المعتمدة على أجهزة الفحص الطبية وتشخيص الأمراض الوراثية PGD لدى الزوجين وبالتالي المساهمة في تحديد العلاجات المناسبة للوصول إلى نجاح عملية زراعة أطفال الأنابيب وهو ما زاد في السمعة الطبية الإيجابية بهذا الاختصاص للأردن على مستوى المنطقة والعالم. وأوضح الرواشدة أن الأردن يستقبل سنويا الاف الحالات من خارج المملكة لمرضى يأتون بحثاً عن حلول ومساعدة في الإنجاب من مختلف دول العالم لم يكتب لهم نجاح العلاج خارجياً ولكن كتب لهم نجاح هذه العمليات بكل أنواعها في الأردن وهنالك حالات لمرضى استمرت معاناتهم لسنوات طويلة ما أسهم في إيجاد مشكلات لدى الزوجين خلال تلك الفترات ولكننا نجحنا في الوصول إلى الهدف والغاية بعدما استخدمنا الخبرة الطبية المناسبة والعلاجات الجيدة واستطعنا بفضل الله إدخال الفرحة والسعادة لهم وأصبح لديهم الآن أسرة وأطفال. ومن حيث القدرة على علاج الحالات المستعصية في الأردن للمرضى القادمين من الخارج، بين الرواشدة أن الحالات القادمة من الخارج تحظى بعناية تامة وقبل وصول الزوجين لتلقي العلاج وإجراء عملية زراعة أطفال الأنابيب فاننا نقوم بإجراء دراسة ابتدائية عنهما قبل وصولهما إلى الأردن ليتم بناء عليها وبعد إجراء الفحوصات اللازمة الاعتماد على طريقة معينة للبدء في العلاج ومواكبة حالة الزوجين لحظة بلحظة حتى إتمام العملية على أكمل وجه وهذا بطبيعة الحال يخفف من الجهد والمال على متلقي الخدمة العلاجية ومع تطور وسائل التواصل الاجتماعي وخدمات الإنترنت فاننا أصبح نختصر كثير من الإجراءات التي كانت متبعة سابقا. وزاد ان الاطباء يعالجون المريض حيث من الممكن أن تبدأ المريضة في العلاج في بلدها ثم القدوم إلينا قبل موعد العملية وعن تكلفة العلاج للزوجين سواء كانا من الأردن أو من خارجه. بين الرواشدة أن مدة العلاج هي التي تحدد التكلفة وبالمتوسط العام فهي مقبولة مقارنة مع دول المنطقة والعالم ويضاف لها الخدمات المتكاملة خلال العلاج ومتابعتها من البداية وحتى الولادة وعلى مدار الساعة أو عند الحاجة. واشارالى وجود فرق مساندة من الخبراء يتبعون للطبيب المختص لدى كل منهم وظيفة خاصة به غايتها متابعة المريض والوقوف على كل مشكلة أو سؤال قد يواجهه والأردن من حيث تكلفة إجراء زراعة أطفال الأنابيب تعد الأقل في العالم ومنطقتنا العربية أو الشرق الأوسط حيث تصل التكلفة إلى ثلاثة أو أربعة اضعاف السعر في الاردن طبعا مع وجود فوارق أن الاردن أصبح الوجهة للسياحة العلاجية والاطباء فيه يتمتعون بخبرات كبيرة وعالمية. وعن عمليات فحص الأجنة وتحديد جنس المولود، قال الرواشدة إننا قطعنا شوطاً متقدما على مستوى العالم وبلغنا نسبة نجاح في هذا المجال قد تصل من 98-99 % من تحديد جنس المولد مؤكدا أن أي متلق للعلاج له برنامج خاص يبدأ من لحظة مراجعته الطبيب وصولا إلى مرحلة ولادة الجنين، ونسب النجاح في المركز لحالات IVF في الثلاث سنوات الأخيرة هي 57 % وهذه النسبة تعد من أعلى نسب نجاح في المراكز العالمية المتقدمة. وقالت الخبيرة السياحية رجاء الجزار، ان الأردن يحظى بمواقع مهمة بخصوص السياحة العلاجية وأهمها البحر الميت وهو أخفض بقعة على سطح الأرض وأفضل نقطة للأكسجين، وشلالات ماعين التي تمتاز بالمياه الساخنة العلاجية لعدة أمراض جلدية. واشارت الى موقع بربيطة للسياحة العلاجية ومنطقة عفرا غير المستغلتين، ويمكن تطويرهما لاحتوائهما على مركز زوار كبير ليصبحا جزءا من السياحة العلاجية. وبربيطة هي حمامات قريبة من وادي الإحساء تصل درجة حرارة مياهها إلى 49 درجة مئوية وتحتوي على عدة أنواع من الأملاح والمعادن مثل الكلورايد وكبريتيد الهيدروجين ، التي تتميز بفاعلية علاجية عالية. وحثت الجزار المستشفيات على تخفيض الأسعار للمرضى لكثرة المنافسيين للأردن، مثل تركيا التي تقدم لهم جولة سياحية إضافة إلى العلاج الذي يرغب فيه المريض ، مؤكدة أن الانسان يستطيع أن يجد العلاج في أي مكان وعلينا التركيزعلى ما يتميز به الاردن من مواقع علاجية طبيعية
:لقراءة المزيد